آخر الأحداث والمستجدات
من عمل على تدنيس تذكار سي عبد الرحمان اليوسفي بطنجة؟
من الممارسات غير الإنسانية حين لا نحترم اسما بارزا حتى في مرقد مماته والقيام بالترحم عليه كأضعف الإيمان للأميين بتاريخ الحركة الوطنية. من الممارسات غير الحضارية العبث بتذكار دشنه الملك لرمزية وطنية المرحوم سي عبد الرحمان اليوسفي. من الممارسات الأرعن محاولات الخروج عن إجماع وطني بصلاة تأبين جماعية وعاء على روح مناضل من آخر عنقود جيل الطهارة السياسية، من الممارسات الفوضوية اللعب الفاسد بتذكار لشخصية تركت دموعا جماعية.
قد تعيش بيننا حشرات من القراد الأسود تحب السباحة في الوحل العكر واستيطان مزابل الأوساخ، قد يعيش بيننا (جهل) ممن ألف التصفيق للفساد والبكاء عليه، قد تكون عقليات حشرات القراد القطيع محدودة الفهم التاريخي، قد يعيش بيننا من يمتهن إنتاج الخلاف العقيم وحتى أنه ممكن أن يكره ذاته قبل الأخير. لكن، لن يمر تدنيس تذكار سي عبد الرحمان اليوسفي بدون حساب ولا عقاب، لن يمر عند مسؤولي الدولة (طنجة ) دون الوصول إلى الجاني أو الجناة، لن يمر الحدث (المبرهش) دون تمطيط الزيادة في حب سليل الحركة الوطنية المغربية وموت ما تبقى من طهارة السياسة المغربية.
وداعا يا آخر وجه لطهارة السياسة.
رحل رجل إلى دار البقاء من طينة طهارة السياسة. رحل رجل من جيل الوفاء لعهد قسم نشيد القوات الشعبية. رحل رجل إلى حياة الخلد والكل يشهد على صدق سريرته المواطنة والوطنية، الكل يشهد أن الرجل كان مواطنا من حضن هواجس شعب وثورة المحرر، كان قبسا من انفلات الزمن المغربي في الرداءة السياسية والريع الفاسد، كان يؤمن بالتغيير الديمقراطي من القواعد الشعبية، كان من جيل كلمة الوفاء للعهد (بالروح والدم)، لا من كهنة السياسة و النفاق والبراغماتية الطفيلية.
المجاهد الأكبر عبد الرحمان اليوسفي اليوم ودع حياة النضال وسفسطة ما تحت حزام الكراسي، ودع التدبير والتنظير والولاءات المميتة بعد أن ودع القيادة مهاجرا بالسبق و قناعة الاختيار، اليوم ترك بؤس السياسة ووجوه الكراسي تنعم تشدقا في اختيار كلمات تأبينه عبر ميكروفونات البهرجة المميتة وانتقاء لقطة من عيون الذئاب الباكية.
رحل الرجل وقد كان صادقا حين أحس أن اللعبة السياسية أضحت مع النفعيين والوصوليين مثل ( لعب وكول)، رحل الرجل حين باتت السياسة ملجأ (قشاوش عاشوراء) غير "الدورجين" ولا "الكاريزما" الوازنة. رحل الراحل عبد الرحمان اليوسفي والعدو في حرفة السياسة والتدافع النضالي العفيف يشهد بصدقه وبحته التحررية قبل رفيق خط الكفاح الشعبي. رحل عبد الرحمان اليوسفي سليل درب كفاح المهدي بن بركة و عبد الرحيم بوعبيد و.... (أنا الشعب، والشعب يريد...). رحل الرجل وحيدا تاركا بصمة عين على النضال لم يسجلها التاريخ بالنسخ "الكاربوني"، ولن ينتج ماركة فريدة بنفس مواصفات قوة "دينامو" النضال الجماهيري عند سي عبد الرحمان.
هاجر الرجل بإيمان صادق ،حين أحس ان "البلوكاج" الديموقراطي لم يتفوق على عرف (أمولا نوبة) البدائي. رحل الرجل بسيطا مبتسما عند وجه السماء ولن يحتاج إلى نعي مطنب في الديباجة الركيكة ، ولا إلى ولائم مستديرة في زمن"الحجر الصحي"، ولا حتى إلى خطب رنانة ومدبجة بالمناقب الحياتية فالشعب يقيس الرجالات بوزن الذهب وكفى !!! رحل الرجل من بيننا على غر غفلة، وهو يوصي ألا أربعينية يقتعد من أخلى به العهد و جر الحصير من تحت أقدامه يجلس القرفصاء في الصفوف الأمامية. رحل الرجل إلى حياة الخلد (آمنا مطمئنا) وقد بصم علانية أن الفكر السياسي تنظير معياري يتأتى من الإنصات إلى حاجيات الشعب و مطالبه الكلية، و هو بنفس الحجم مواقف اجتماعية تحمل القدرة على قول (لا) وبدون مناورة ولا رياء، ولا خنوع ولا هرولة منبطحة ، ولا حتى من خوف لائم وماكر مضمر النوايا أو بالوجه المكشوف.
قد نقول أن آخر وجوه طهارة السياسة المغربية تركتنا بلا ختمة وداع على وجه الديمقراطية الكسولة، قد نقول أن الرجل مهد لنا مصالحة القرن وترك فينا المحجة الديمقراطية البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك في متن عفن السياسة غير النظيفة.
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2020-05-31 21:19:31 |